أيها اللبنانيون أطفئوا الفتنة المشتعلة
د.نسيب حطيط
للفتنة مراحل وأدوات ،لا ينتبه الناس إليها إلا بعد تصاعد الدخان و ألسنة اللهب وسماع الطلقات والقذائف وتشييع الجنازات، فيتنادى العقلاء لإطفاء الفتنة بعد فوات الأوان.
الفتنة تبدأ بالموقف التحريضي والإفتراء والإتهامات المتبادلة والشتائم على ألسنة السياسيين أو الإعلاميين أو المشايخ والمدسوسين،فتأخذ شكل الخطاب أو الموعظة أو التحذير ثم تخرج من البيت أو المسجد أو المقر الحزبي إلى الشارع فتقطعه سلميا بإحراق الدواليب،وتحمي الفاعلين بالأسلحة والمذهبية،ثم تتدحرج الفتنة وتكبر .
الفتنة في لبنان بدأت ولا ينقصها إلا الإشتعال الشامل،فالبيئة الحاضنة تكونت وأدوات الفتنة جاهزة،ومناطق الفتنة ليست محصورة فبدل(الإنتماء المتوازن)ستككون(الفتنة المتوازنة)في كل لبنان وما فيه من لاجئين ونازحين وعمال، فالمعركة كما يريدها الأميركيون معركة(الإحتراق الشامل) لإسقاط جغرافيا المقاومة العربية الباقية في لبنان وسوريا وبعض فلسطين،فالمعارضة السورية تهدد المقاومة بقطع طرق ، بل وتهدد الضاحية الجنوبية إستكمالا لما فعلته إسرائيل عام2006حتى(المنثقف المعارض)ميشيل كيلو هدد(بمحو حزب الله عن الأرض).
الظاهر أن ما يسمى المعارضة السورية المثقف منها والقاعدة و(الجيش الحر) يمتهنون القتل والإبادة وليسوا مذهبييين،فهم يقتلون كل (مسلم سني)لا يزال على دينه وخياراته السياسية بمقاومة إسرائيل وعدم التبعية لأميركا مثله مثل الشيعي والعلوي فهم يتبعون(ألسنة الأميركية) ومع ذلك يقول بعضهم أنه(سلفي)وأتمنى أن لا يكون سلفيا قبل البعثة النبوية الشريفة ،فيكون حفيد سلف السلف في الجاهلية التي هدمها الإسلام تحت راية رسول الله(ص).
الفتنة في لبنان تنضج على نار هادئة بإنتظار التوقيت الذي يحدده الأميركيون تعويضا عن الهزيمة أو الفشل في سوريا ولمسح العار عن جبين العدو الإسرائيلي بعد إختاق طائرة أيوب لأجواء فلسطين المحتلة وعدم قدرة إسرائيل على الرد وهي التي إجتاحت بيروت ردا على عملية إغتيال مفبركة لسفيرها في لندن عام1982وشنت عدوان2006ردا على أسر جنديين، لكن في الحقيقة فإن كلا الإجتاحين كانا مقررين وكان ينقصهما المبرر أو الحجة،ومع توفر الحجة في طائرة أيوب صمت الإسرائيلي ووقف عاجز ،لذا سيشعل الفتنة ضد المقاومة وحلفائها بواسطة بعض الجهادببن المضللين(ويمكن أن يكونوا صادقين في دينهم) لكن مواقفهم غير صحيحة يحركهم مشايخ مشبوهين مرتبطين بالملوك والأمراء وأجهزة المخابرات، والفتنة الكلامية والسياسية بدأت عبر الأمور التالية:
- 14أذار والمستقبل يتهمون حزب الله بالقتال في سوريا.
- المعارضة السورية تخطف زوارا لبنانيين من الطائفة الشيعية.
- الأسير يقطع طريق الجنوب،ويشتم ويستفز ويحرض ويهدد ويطلق النار من (بندقية بلاستيكية)مزيفة لإظهار شتم أحدى زوجات الرسول(ص).
- حزب الله يتهم المستقبل بتسليح المعارضة السورية ودعمها .
- جبهة باب التبانة –جبل محسن تشتعل وتهدأ لكنها في إستنفار شامل .
- إستنكار14أذار للطائرة(أيوب)وصمتهم عن كل الخروقات الإسرائيلية اليومية وإتهام المقاومة بوقاحة بخرق القرار(1701)مزايدة على إسرائيل الذين لم يشتكوا لمجلس الأمن.
- الخلايا السلفية التكفيرية دخلت إلى مخيمات لبنان خاصة في بيروت والجنوب وتجند الشباب الفلسطيني لقتال(العلويين)في سوريا والشيعة في لبنان والسنة المخالفين لسياساتهم ، وبعض الفصائل الفلسطينية ترعى وتؤمن الطريق لكن بقفازات سلفية.
- عملاء الموساد و(السي-أن-أن)يحضرون أنفسهم وعملائهم في لبنان لإصدار بيانات التهديد لهذه الجبهة أو تلك وإفتعال التفجيرات والإغتيالات قبيل موسم الإنتخابات النيابية أو لإطلاق قنابل دخانية تغطي ما يحدث في سوريا سواء لإنضاج(التسوية السياسية)التي تعني فشل الهجوم الأميركي على سوريا أو إشعال النار بشكل أكبر في سوريا والمنطقة.
- لا ينقص الفتنة إلا حادث فردي(عفوي أو مدبر)لتشتعل وهي بإنتظار إستكمال الفتنة ..... والسؤال هل ننتظر إشتعال لفتنة لنتحرك لإطفائها أم نبادر جميعا لتبريد الأجواء الميدانية بصدق ، فالفتنة لن تحرق حزبا أو طائفة أو منطقة بل هي فتنة شاملة تصيب الجميع حتى المستقلين الذين لا شأن لهم بالسياسة أو المذاهب ولذا ندعو للخطوات التالية:
- تحرك لرؤساء الطوائف ومؤسساتها الدينية وإلتزام المشايخ بعدم إستعمال منابر المساجد للتحريض المذهبي ،ومن شاء فلينطلق بصفته الشخصية السياسية وليس على أساس مذهبي.
- دعوة الأحزاب من8و14أذار للإتفاق على ميثاق شرف يحرم ويمنع الفتنة وإبقائها في إطار سياسي خالص وعدم إلباسها ثوبا مذهبيا.
- توفير الغطاء السياسي للجيش لمنع الفتنة وملاحقة المسلحين السوريين واللبنانيين والفلسطينيين وعدم تقييده بالحسابات والتوازنات المذهبية.
- الإتفاق مع السلطة الفلسطينية وفصائل المقاومة بتحييد المخيمات عن الصراع السياسي أو الفئوي في لبنان وعدم تحويل المخيمات لمخازن أسلحة أو قواعد إحتياط أو بؤر آمنة للمسلحين لدعم بعض القوى السياسية في لبنان كما حصل عام1975.
- إلتزام أعضاء طاولة الحوار وبشكل جدي وصادق بحصر دعم أي فريق لأطراف النزاع في سوريا بالموقف السياسي أو الإنساني وعدم التورط بالسلاح وفق ماأوردته بعض الصحف الأوروبية عبر نائب لبناني مسؤول عن تسليح المعارضة السورية عبر الحدود التركية.
والسؤال الثاني ماذا لو شكلت خلايا ومجموعات موالية للنظام في سوريا في لبنان لحماية نفسها أو ردا على الوجود العسكري أو السياسي لما يسمى(الجيش الحر)والذي يتخذ كوادره من لبنان ساحة قيادة وإدارة.
الظاهر أن الفتنة في مخاضها الأخير وعلى وشك الولادة الساخنة في لبنان ،فتهيأوا أيها اللبنانيون المسالمين فالذين يرفعون شعار(لبنان أولا)فإنهم يعملون على إحراق لبنان أولا ثم باقي المنطقة.
هل يتحرك العقلاء في السياسة أو الطوائف لصناعة حزام الأمان ومنع الفتنة أم سيغلقون على أنفسهم ويديرون ظهورهم حتى تصل النار إلى غرف نومهم.
أطفئوا إرهاصات الفتنة ....وأطفئوا ألسنة اللهب قبل فوات الأوان.